دكتورة هالة عثمان تكتب: لعنة الربيع العربي تشعل الخريف الاوروبي…”ميركل” تقود الثورة المضادة ، و”كاميرون” كبير الفلول
رامى ذكرى و جولات فيس بوك
دكتورة هالة عثمان تكتب:
لعنة الربيع العربي تشعل الخريف الاوروبي…”ميركل” تقود الثورة المضادة ، و”كاميرون” كبير الفلول
كانت لحظة إقدام الشاب التونسي “بوعزيزي” علي إضرام النار في نفسه في العام 2010 تمثل نقطة التحول الكبري في المنطقة العربية وهو ما إصطلح الغرب علي تسميته “الربيع العربي” الذي انهال علي تونس ثم مصر وليبيا وسورية واليمن بفعل الانفجار الشعبي ضد الطبقة السياسية الفاسدة وعزز هذا التحول قوة الدفع التي مارستها قوي غربية مخابراتية وسياسية وإقتصادية، وبعد أن دمر ذلك الربيع المزعوم بنيان تلك الدول عرف العرب أخيرا أنه “الخريف العربي” الذي طال الاستقرار والامن فحلت محلهما الفوضي والعبثية..
وفي الثالث والعشرين من يونيو قال الشعب البريطاني “لا” ونراها لحظة فارقة في القارة العجوز لا تقل عن إضرام “البوعزيزي” النار في نفسه ،وهي تعد جزءا من الانفجار الشعبي ضد الطبقة السياسية الفاسدة التي جلبت لبريطانيا غزو العراق والازمة المالية عام 2008.
في الخريف العربي استخدمت الالة الغربية الشباب في معركة تكسير عظام النخبة الحاكمة في البلدان العربية واستثمروا طاقة الشباب بصفتهم الفصيل الاقوي في المعادلة ،وهاهو الغرب يجترع من ذات الكأس عندما صوت الفلاحين في بريطانيا بنسب تجاوزت كل توقعات المحللين للانعتاق من الاتحاد الاوروبي ،الامر الذي يؤكد أن الفئات النوعية هي التي تحرك الاحداث وتديرها بحيث تصبح الجرافة التي تهدم طموح الساسة سواء في الاستمرار في الحكم في الدول العربية أو البقاء تحت راية الاتحاد الاوروبي في بريطانيا..
إعتمدت الالة الغربية في الربيع العربي علي الشباب ومستخدميهم داخل الوطن العربي الذين خانوا الوطن ،وحملوا كل فكر شطط ،وكل رأي مسموم للقضاء علي تماسك دولهم، ولكن السواد الاعظم من الشباب عندما أدركوا أنهم قد غرر بهم عادوا إلي وطنيتهم وثاروا علي مستخدميهم وأعادوا البوصلة إلي وضعها الطبيعي وصححوا المسار في مصر وتونس.. ولكن في أوروبا لا نتصور أن فلاحيها سوف يتراجعون عن موقفهم المناهض للاتحاد الاوروبي لايمانهم بالعودة إلي خصوصيتهم المحلية التي تجتاحها العواصف في زمن العولمة بما يعني أن السفينة تسير إلي منطقة الغرق والتحلل وصولا إلي مرحلة إنهيار التنظيم الاوروبي.
ويبقي إمتداد الربيع الاوروبي إلي بلدان القارة الاوربية متمثلا في ذلك الرفض للبقاء تحت راية الاتحاد الاوروبي في ريف هولندا والدنمارك والسويد بما يشير بقوة إلي حالة الانفصال في المجتمع الاوروبي بين المدن الكبري التي تدعم البقاء تحت راية الاتحاد وبين الريف في تلك الدول حيث يدعم الانفصال والعودة إلي خصوصية التاريخ الذي يتوقون للعودة إليه.وأن التصويت البريطاني وكما اشتعلت نيران “بو عزيزي” في المنطقة العربية فان “لا” البريطانية ستشعل سلسلة من ردود الافعال عبر القارة الاوربية لتتزايد وتستشري نزعات الانفصال داخل القارة.
وفي الربيع العربي ما زالت بعض الدول تعاني من نزعات التمزق والانقسام مثل اليمن وسوريا التي كان يسعي الغرب ومازال إلي تقسيمها فان الانقسام سوف يطال بريطانيا ذاتها وخاصة في اسكتلندا وايرلندا الشمالية والتي ستحاول اغتنام انفصال بريطانيا في الدفع لاستفتاء السكان علي مغادرة التاج البريطاني ..
في دول الربيع العربي وخاصة مصر وتونس أدرك المؤمنون بالوطن وهيبته وعظمته المخاطر فتلاحموا وتماسكوا وحملوا أرواحهم علي أكفهم وغيروا المسارات وأوقفوا النزيف وعادت مصر لقوتها وكبريائها وعنفوانها، وفي بريطانيا يحاول البعض من فلول بريطانيا تغيير المسار بجمع توقيعات لأعادة التصويت مرة أخري وهو الامر الذي حتما سيفشل لأن المصوتين للانفصال صوتوا بقناعة ويقين بما لا يتصور إعادة قرارهم في التصويت ،وهو ما دفع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد ان قال له الشعب “لن تجبرنا علي البقاء في الاتحاد الاوروبي ” إلي التقدم باستقالته قائلا “إنه يحترم رغبة الشعب وأنه يغادر مكتبه ليأتي بديلا له يقود السفينة” وكأنه يقول للشعب البريطاني “الان فهمت……”
ويتبقي في الميدان المستشارة الالمانية إنجيلا ميركل لتدافع عن الراية الاوروبية وتقود الثورة المضادة لاستعادة النظام القائم الذي يسير في طريق اللاعودة في ظروف وأحداث تجبرها علي الفشل في خضم صحوة القرار البريطاني الذي يمثل الضربة الاولي لانهيار البناء الاوروبي ..
تسيطر علي أوروبا حالة من الهلع والخوف من تكرار ما سمي من قبل بالربيع العربي وصعود التيارات المتشددة وهو الامر الذي تؤكده الاحداث في أوروبا من تصاعد اليمين المتشدد الذي يمكن أن يغير من خريطة أوروبا السياسية ،بالاضافة لحالة التوجس من عودة الشباب الاوروبي المتطرف الذي انخرط في الجماعات المتشددة والارهابية لمحاربة المسلمين في الشرق مع هذه الجماعات إلي أوروبا واستثمار التيار المتشدد المتصاعد وفي هذه الحالة يتحقق “الخريف الاوروبي”